المقاربة الحديثة لقياس النمو الاقتصادي عن طريق صور الاقمار الاصطناعية

المقاربة الحديثة لقياس النمو الاقتصادي عن طريق صور الاقمار الاصطناعية

13 mai 2020 0 Par Amine Nasrallah



أضواء النمو الاقتصادي
تجاوزت آليات قياس النمو الاقتصادي اليوم المؤشرات والطرق التقليدية خاصة مع اقتران البيانات الضخمة بظهور تقنيات متطورة تساعد على اكتساب معارف جديدة كما هو الحال مع آليات التعلم (Machine learning) وغيرها من آليات الذكاء الاصطناعي.
أحد الدراسات المتقدمة في هذا المجال هي التي قام بها كل من Jiaxiong Yao الخبير الاقتصادي في صندوق النقد الدولي و Yingyao Hu من جامعة Johns Hopkins، والمتعلقة بقياس النمو الاقتصادي عن طريق الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية للأرض ليلا أو ما يطلق عليها أضواء الليل (night lights)، حيث يتم استخدام هذه الأخيرة لقياس مستوى النمو كما يمكن استخدامها في إعداد خرائط الفقر وتحليل أوجه عدم المساواة ومعالجة العديد من المسائل التي يستحيل التعامل معها بوسائل أخرى.
•ومن أجل فهم أهمية وطريقة استخدام اضواء الليل في علم الاقتصاد، فإنه يجب الرجوع إلى بعض الاساسيات حول صور الأقمار الصناعية، حيث أن كل وحدة بكسل في صور الأقمار الصناعية تمثل مساحة تقل عن كيلو متر مربع من مساحة الأرض وتقترن برقم يقيس مستوى السطوع ليلا. وكلما ازداد مستوى السطوع ارتفع الرقم المقترن بوحدة البكسل في بلد ما، ومنه يمكن استخدام ذلك كمؤشر لقياس الأنشطة في هذا البلد ليلا، وعند مقارنة هذا المؤشر مع مختلف البلدان وفي فترات زمنية فإن ذلك يصبح بمثابة بارومتر للتنمية والتقلبات الاقتصادية.
•وتكمن أهمية أضواء الليل بالنسبة لعلم الاقتصاد في ارتباطها القوي بالأنشطة الاقتصادية، حيث تعكس جانبين مهمين للتغيرات التي تطرأ على اقتصاد ما هما:
– التوسع المكاني، أو الانكماش المكاني، وهو أمر أقل حدوثا، فبالنسبة للاقتصادات التي تكون في طور النمو، يزداد عدد المناطق المضيئة بمرور الوقت ويبدأ الضوء يشع من عدد أكبر من وحدات البكسل وفي المقابل تزداد عدد رقعة الأراضي التي يخيم عليها الظلام ويفقد عدد أكبر من وحدات البكسل نوره في المناطق العالقة في دائرة الصراعات.
– أما الجانب الآخر فهو المتعلق بالكثافة، حيث في ظل التحول الحضري في المناطق الريفية وتكتل المدن وتقدم البنية التحتية تصبح نفس السماء الليلة أكثر سطوعا وتسجل أجهزة الاستشعار بالأقمار الصناعية أضواء أكثر كثافة.
وبالرجوع إلى نتائج الدراسة، فقد توصل الباحثين أن البلدان الغنية أكثر سطوعا بالفعل من البلدان الأخرى الأقل تقدما، كما تم التوصل أيضاً إلى أن مقياس إجمالي الناتج المحلي القائم على أضواء الليل غالبا ما يشير إلى تدهور الاقتصاد أثناء الصراعات بمعدل أسرع مما تعكسه البيانات الرسمية، وأن هذا المقياس يشير إلى تعاف أكثر قوة عقب انتهاء الصراعات، وهو ما يعزز من فرضية أن دورات انتعاش وكساد الاقتصاد غير الرسمي لها دور كبير في تشكيل الأوضاع في فترة ما بعد الحرب والأزمات.
وتفتح هذه الدراسة مجالا جديد من حيث استخدام أضواء الليل في إعادة تقدير إجمالي الناتج المحلي في البلدان التي تعصف فيها الصراعات، والتي تكون فيها الهيئات الإحصائية قد توقفت عن العمل بكفاءة منذ مدة طويلة.
كما تؤكد هذه الدراسة من جانب آخر على أنه مع دخولنا لعصر البيانات الضخمة فإنه يظهر للباحثين الكثير والكثير من الفرص التي يجب استغلالها من أجل تحقيق التقدم المنشود والإستفادة أكثر من قوة البيانات الضخمة في فهم الاقتصاد بشكل أعمق.

للمزيد عن الدراسة يمكن الاطلاع عيها من خلال الرابط
https://www.imf.org/en/Publications/WP/Issues/2019/04/09/Illuminating-Economic-Growth-46670

Rate this post